بعد عشرات السنوات تفاصيل قضية ريا وسكينة أمام القضاء

بعد عشرات السنوات تفاصيل قضية ريا وسكينة أمام القضاء

تدرس قضية أخطر مجرمتان في التاريخ وهما ريا وسكينة الذين قتلوا مجموعة من النساء خنقا بهدف سرقة مصوغاتهن وننقل لكم بعد عشرات السنوات تفاصيل نظر القضية.

ونقل المستشار بهاء المري رئيس محكمة الجنايات نقله عن النشرة القانونية للنيابة العمومية

باسم صاحب العظمة فؤاد الأول سلطان مصر
محكمة جنايات الاسكندرية
المشكلة علنا تحت رياسة حضرة صاحب السعادة أحمد موسى باشا وحضور حضرات مستر هل ، وواصف سميكة بك مستشارين بمحكمة الاستئناف الأهلية وسليمان عزت رئيس النيابة ، وعى فهمى أفندى كاتب المحكمة .
أصدرت الحكم الآتى
فى قضية النيابة العمومية نمرة 43 اللبان سنة 1921
المقيدة بجدول المحكمة بنمرة 93 سنة 1921
ضد :
رية بنت على عمرها 45 وصناعتهامتزوجة وسكنها باللبان سكينة بنت على عمرها 40 وصناعتها متزوجة وسكنها باللبان
حسب الله سعيد عمره 27 سنة وصناعته فاعل وسكنه اللبان
محمد عبد العال عمره 25 سنة شغال بالمكابس وسنه اللبان
عرابى حسان عمره 26 سنة وصناعته معلم فى البحر وسنه اللبان
عبد الرازق يوسف عمره 30 سنة وصناعته عربجى وسكنه الفراهدة
سلامة محمد خضر الكيت عمره 30 سنة وصناعته سماك وسكنه اللبان
أمينة بنت منصور عمرها 60 سنة وصناعتهاخالية وسكنها اللبان
محمد القادوس الشهير بالنص عمره 52 وصناعته صايغ وسكنه الجمرك
على محمد حسن الصايغ عمره 26 سنة وصناعته صايغ وسكنه الجمرك
وضد :
وزارة الداخلية مدعى عليها فى دعوى المدعى بالحق المدنى وحاضر عنها حضرة فؤاد عريضة أفندى مندوبها .
وحضر للدفاع عن الأولى والثانية حضرة أحمد أفندى المدنى ، وعن الثالث حضرة أحمد أفندى حلمى ، وعن الرابع حضرة جميل أفندى حبيب حنا ، وعن الخامس حضرة عثمان أفندى نور الدين ، وعن السادس حضرة شفيق أفندى حلابة ، وعن السابع حضرة فريد ابراهيم جرجس أفندى ، وعن الثامنة محمد أفندى زكى راغب وعن التاسع حضرة عبد الحميد أفندى يوسف وعن الأخير حضرة اسماعيل بك حمزة المحامون .
بعد سماع أمر الإحالة وطلبات النيابة العمومية وطلبات المدعى بالحق المدنى وأقوال المتهمين ودفاع المحامين عنهم وشهادة الشهود والإطلاع على ورق الدعوى وأخذ رأى فضيلة مفتى مدينة الإسكندرية والمداولة قانونا :
حيث أن النيابة العمومية اتهمت المذكورين بأنهم فى المدة الواقعة بين نوفمبر 1919 و 12 نوفمبر سنة 1920 بجهة حى اللبان بالاسكندرية :
– السبعة الأول قتلوا عمدا الحريمات خضرة بنت محمد اللامى ، ونظلة بنت أبو الليل ، وعزيزة مجهولة اللقب ، وبنوتة بنت جمعة ، وزنوبة بنت على أحمد وسليمة بنت ابراهيم الشهيرة بأم عرفات ، ونبوية بنت على ، وفاطمة بنت محمد عبد ربه وزنزبة بنت محمد موسى ، وفاطمة مجهولة اللقب ، وأنيسة بنت محمد رضوان وأمينة مجهولة اللقب ، وخديجة مجهولة اللقب ، وهانم مجهولة اللقب ، وفاطمة مجهولة اللقب ، وحجازية مجهولة اللقب ، وفردوس بنت فضل عبد الله .
وذلك بواسطة كتم النفس والخنق مع سبق الإصرار ، ثم سرقوا مصاغ المجنى عليهن المذكورات جميعا .
– وبأن الثامنة والتاسع اشتركا مع الفاعلين الأصليين السبعة الأول بالاتفاق والتسهيل لارتكاب إحدى تلك الجريمات إذ سمحا للفاعلين الأصليين المذكورين بقتل إحدى المجنى عليهن وهو بنوتة بنت جمعة ودفنها بمنزلها الأمر المسهل للجريمة فوقعت بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
– ولأن العاشر فى المدة ما بين نوفمبر 1919 و 14 نوفمبر سنة 1920 أخفى مصوغات المجنى عليهن المقتولات السابق ذكرهن مع علمه بأنها مسروقة وذلك بواسطة شرائه لتلك المصوغات بثمن بخس على مرات متعددة .
وطلبت من حضرة قاضى الإحالة إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمحاكمة السبعة الأول بالمادة 194 عقوبات ومحاكمة الثامنة والتاسع بالمادتين 194 ، 199 عقوبات ومحاكمة العاشر بالمادة 279 عقوبات .
وحيث أن حضرة قاضى الإحالة قرر فى 6 فبراير 1921 إحالة المتهمين المذكورين على هذه المحكمة لمحاكمة السبعة الأول بالمادة 194 عقوبات ومحاكمة الثامنة والتاسع بالمواد 194 ، 199 ، 40 فقرة ثانية وثالثة ، 41 عقوبات ومحاكمة العاشر بالمادة 279 فقرة أولى عقوبات على التهم المبينة آنفا .
وحيث أنه بجلسات 10، 11 ، 12 مايو 1921 قررت المتهمتان الأولى والثانية أنهما شاهدتا بعض حوادث القتل ولكنهما لم تشتركا فيه وأنكر باقى المتهمين ما نسب إليهم وأصرت النيابة على الطلبات السابقة مع مراعاة المادة 36 عقوبات بالنسبة للمتهم الأخير ، ودفع مندوب وزارة الداخلية فرعيا بعدم قبول الدعوى المدنية شكلا ضد الوزارة المذكورة ، وطلب المحاميان عن المدعى بالحق المدنى رفض هذا الدفع وبقبول الدعوى شكلا .
وبعد أن ضمت المحكمة الدفع الفرعى على الموضوع طلب محاميا المدعى المدنى بصفته السابقة الذكر الحكم له على جميع المتهمين ووزارة الداخلية بطريق التضامن بمبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف ، وطلب الحاضر عن وزارة الداخلية الحكم برفض العوى قبلها .
وطلب محامى المتهمتين الأولى والثانية استعمال الرأفة معهما وترك تقدير قيمة التعويض قبلهما للمحكمة ، وطلب المحامى عن المتهم الثالث إجراء الكشف على قواه العقلية لمعرفة درجة مسئوليته وطلب فى الموضوع الحكم ببراءته وطلب محامى المتهم الرابع اعتباره شريكا ومعاملته بالمادة 199 عقوبات أو باستعمال الرأفة معه طبقا للمادة 17 عقوبات وإبدال عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة وفوض الرأى فى تقدير التعويض قبله وطلب المحامون عن باقى المتهمين الحكم ببراءتهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وذلك للأسباب الواردة بمحضر الجلسة .
المحكمة :
حيث أنه قد تبين من التحقيقات التى حصلت فى الدعوى ومن شهادة الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة أنه فى غضون المدة من يناير إلى 14 نوفمبر سنة 1920 ورد لبوليس قسم اللبان باسكندرية عشرة بلاغات عن اختفاء عشر نسوة من الطبقة الوضيعة القاطنة بدائرة القسم المذكور ، قُدِّمت هذه البلاغات من ذوى قرابتهن وحفظتها النيابة لعدم الاهتداء إلى معرفة مقر تلك النسوة ولا أسباب غيبتهن.
وكانت الحرمة سكينة بنت على همام ثانية المتهمين تسكن فى ذلك العهد منزلا لوالدة من يدعى أحمد مرسى عبده كائنا بحارة ماكوريس نمرة 5 خلف قسم اللبان ، وكان مؤجرا لشخص يدعى محمد أحمد السمينى الذى أجر منه غرفة لسكينة بالدور الأرضى ثم أخلى هذا المنزل واستلمه المؤجر فى 30 أكتوبر سنة 1920 فأخذ يجرى فيه بعض تحسينات طلبها منه مستأجر جديد .
وقد اتفق أنه فى يوم 15 نوفمبر سنة 1920 بينما كان أحمد مرسى عبده يحفر فى أرضية الغرفة التى كانت تقيم بها سكينة لأجل تركيب مواسير للمياه إذ عثر على جثة امرأة كانت مدفونة فيها فأخطر القسم بذلك ، وباستمرار الحفر بأرضية تلك الغرفة وجدت بها أيضا جثتان لامرأتين خلاف الجثة الأولى ، ثم حفرت أرضية غرفة أخرى لسكينة بمنزل موجود بحارة النجاة نمرة 9 بقسم اللبان فوجدت بها جثة رابعة .
وقد علم وقتئذ أن لسكينة أخت تدعى رية وهى المتهمة الأولى ورية هذه متزوجة بحسب الله سعيد ثالث المتهمين وكانت تسكن غرفة بالدور الأرضى بمنزل كائن بشارع على بك الكبير بالقسم المذكور وتُكثر من التردد إلى غرفة بمنزل آخر كائن بحارة النجاة نمرة 8 بدوره الأرضى تشغلها الحرمة أمينة بنت منصور المتهمة الثامنة ، وقد وجدت اثنى عشرة جثة نسائية مدفونة بالغرفة الأولى وجثة أخرى لامرأة بالغرفة الثانية ، وتلك الجثث البالغ مجموعها سبع عشرة هى جثث النسوة المبينة أسماؤهن بأمر الإحالة ، وهذه المحلات جميعها أعدت للدعارة سرا وكانت البغايا من النساء تترددن إليها تارة من تلقاء أنفسهن وطورا بطلب من رية وسكينة لتعاطى المسكرات وارتكاب الفحشاء فيها وكانت إدارة المحلات المذكورة مشتركة بين رية وسكينة وأرباحها تقسم بينهما .
ودل التحقيق على أن ثمانية جثث من السبع عشرة التى اكتشفت بالكيفية المتقدم ذكرها لنسوة من اللائى حصل عنهن التبليغ وهن نظلة بنت أبو الليل وسليمة بنت ابراهيم الفقى ونبوية بنت على أحمد وزنوبة بنت على أحمد الفرارجية وفاطمة بنت محمد عبد ربه المخدمة وفردوس بنت فضل الله ، وتبين أيضا أنه كان لتلك النسوة مصوغات معلومة عند ذويهن لم يعثر عليها فى محلات سكنهن .
وحيث أنه باستجواب سكينة أمام النيابة قررت بأنها اشتركت بالاتفاق مع أختها رية فى قتل عشر نسوة من اللائى وجدت جثثهن بالمنازل المذكورة ، وبأن مطلقها محمد عبد العال وحسب الله سعيد زوج رية وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف صاحبيهم قتلوا منهن هانم ونظلة وعزيزة وزنوبة الفرارجية ، وبأنهم ما عدا محمد عبد العال قتلوا أنيسة بنت محمد رضوان ، وبأن حسب الله سعيد اشترك مع عرابى حسان فى قتل نبوية زوجة السماك وسليمة بنت ابراهيم الشهيرة بأم عرفات بائعة الغاز ونبوية بنت على القهوجية وفاطمة بنت محمد عبد ربه المخدمة ، ومع عبد العال فى قتل فردوس بنت فضل الله .
وقررت بأن المجنى عليهن كانت تجىء بدعوة منها أو أختها رية إلى تلك المنازل للالتقاء بالرجال حيث يكون هؤلاء المتهمون فى انتظارهن مصرين باتفاقهم معها ومع أختها رية على قتل تلك النسوة وسرقة ما يكون عليهن من المصوغات .
ولأجل تسهيل قتلهن بواسطة من ذكروا من المتهمين كانت تقدمان إليهن من الخمور القوية المفعول ما يكفى القليل منها لإسكارهن سكرا شديدا لا يستطعن معه محاولة أى مقاومة أو استغاثة ، فكان أولئك المتهمون ينتهزون هذه الفرصة لاغتيالهن بواسطة كتم النفس والخنق .
وقررت أيضا بأن أحدهم كان يخنق كل امرأة منهن بمنديل يشده حول عنقها أو بيديه بينما كان الآخرون ممسكين بيديها ورجليها وصدرها أو فمها لمنعها من إبداء أى حركة إلى أن يتم زميلهم فعلته وتزهق نفس المرأة .
وبأن عرابى حسان هو الذى كان يباشر الخنق فى معظم تلك الحوادث ثم يدفنون جثثهن بالأمكنة التى وجدت فيها بعد تجريدهن من مصوغاتهن ومما يجدونه معهن من النقود ، وكانت المصوغات تباع بعد ارتكاب الجرائم بمعرفة سكينة ورية إلى المتهم على محمد حسن الصائغ وغيره وأثمانه توزع بينهم .
وحيث أن الإقرار الصادر من سكينة أمام حضرة قاضى الإحالة وأمام هذه المحكمة لم يخرج عن هذا المعنى غير أنها قررت بأن القاتلين لسليمة هم حسب الله سعيد محمد عبد العال وعبد الرازق يوسف وسلامة محكم وقد كررت اعترافها أمام هذه المحكمة .
وحيث أن رية بعد أن اختلفت فى أقوالها أمام النيابة اعترفت أثناء استجوابها من حضرة قاضى الإحالة باشتراكها هى وسكينة بطريق الاتفاق فى قتل ستة من تلك النسوة وهن هانم ونظلة وأمينة وأنيسة وفهيمة وفردوس ، وقررت بأن القاتلين لهن هم زوجها حسب الله سعيد ومحمد عبد العال وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف ، واتفقت روايتها مع رواية سكينة فيما يختص بكيفية حصول القتل ودفن الجثث والتصرف فى المصوغات المسروقة وقد كررت اعترافها أمام هذه المحكمة أيضا .
وحيث أن حسب الله سعيد اعترف أمام النيابة بأنه قتل من تلك النسوة ثمانية وهن نظلة وسليمة ونبوية بنت جمعة الشهيرة بفهيمة باشتراكه مع محمد عبد العال وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف وفاطمة بنت محمد عبد ربه المخدمة ونبوية على القهوجية باشتراكه مع عرابى حسان وسليمة بنت ابراهيم باشتراكه مع عرابى حسان وسلامة محمد الكيت ، وهانم وحجازية باشتراكه مع محمد عبد العال وأنيسة بالاشتراك مع عرابى حسان وعبد الرازق يوسف ، وقرر بأن القاتل لفردوس هو محمد عبد العال .
وحيث أن محمد عبد العال اعترف بتحقيق النيابة بقتله هانم ونظلة بالاشتراك مع حسب الله سعيد وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف ، وبأنه اشترك معهم أيضا فى قتل امرأة لها سنة من ذهب لا يعرف اسمها ورابعة لم يبلغ عمرها 36 سنة بيضاء نوعا متوسطة الحجم والقامة وامرأة خامسة وهى التى دفنت فى الغرفة سكن المتهمة أمينة بنت منصور ” بنوتة بنت جمعة الشهيرة بفهيمة ” ولم يختلف هذان المتهمان فى شئ مما قررته سكينة ورية عن كيفية القتل والدفن والتصرف فى المصوغات المسروقة .
وحيث أن باقى المتهمين فى جرائم القتل وهم عرابى حسان وعبد الرازق يوسف وسلامة محمد الكيت وأمينة بنت منصور ومحمد القادوس أنكروا ما أسند إليهم .
وحيث أن حسب الله سعيد عدل أمام حضرة قاضى الإحالة عن الاعتراف الصادر منه فى تحقيق النيابة مدعيا أنه اعترف من الإهانة والجزع ولكن لا يمكن الاعتداد بهذا الادعاء لأن اعترافه تكرر منه مرارا بالتحقيقات ويحتوى على وقائع مطولة وظروف مختلفة لا يمكنه ذكرها إلا إذا كان الاعتراف صدارا منه بمحض إرادته ، وفوق ذلك فإنه اعتراف مؤيد بالنسبة إليه ، أولا – من ملازمته لزوجته رية فى تلك المنازل الملازمة التى لا تجعلها تتداخل فى هذه الجرائم إلا باشتراكه معها فى الأعمال الشديدة التى لا تقوى عليها النساء أو على الأقل بتحريض منه ، ثانيا من شهادة السيدة بنت سليمان التى قررت بأنه أعطاها جنيهين لأجل أن تتجاهل دخول فاطمة بنت عبد ربه فى البيت الذى تقيم فيه سكينة بشارع ماكوريس وعدم خروجها منه أى البيت الذى قتلت فيه ، ثالثا – من وجود ختمة فى التراب وقت النبش على الجثث المستخرجة من هذا البيت ، رابعا – من رؤية محمد رمضان أحد الشهود له بعد حادثة فاطمة بنت عبد ربه خارجا من البيت ومعه صرة ملابس خامسا – من شهادة عزيزة بنت عبد العزيز التى أقامت فترة من الزمن ببيت سكينة بشارع ماكوريس بأنها تواجدت يوما وقت المساء عند رية فكلفها حسب الله بحمل شوال مربوط كانت تنبعث منه رائحة كريهة فذهب معها عند ملتقى شارع عبد المنعم بشارع أبى الدرداء وهناك أمرها بترك الشوال ، ثم تبين من التحقيقات التى حصلت بمناسبة البلاغات التى تقدمت بشأن اختفاء النساء أنه وجد بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1920 بالمكان الذى ألقى فيه الشوال هيكل امرأة يرجع تاريخ وفاتها الى شهرين ، سادسا – من ضبط محبس ذهب لفردوس وملابس لها أيضا فى البيت الذى يسكنه مع زنوبة بنت أحمد أبو هلال زوجته الجديدة .
وحيث أن المتهم محمد عبد العال قرر أمام قاضى الإحالة بخصوص الاعتراف الصادر منه فى تحقيقات النيابة أنه أغرى من رجال البوليس على هذا الاعتراف وأنه لا دخل له فى جرائم القتل المسندة إليه ولكن اعترافه مؤيد على كل حال من ضبط فينيلة صوف لفردوس عنده ومن إقرار على محمد حسن الصائغ بحضوره إليه مع حسب الله ورية وسكينة عند عرض المصوغات المسروقة عليه ومن ملازمته فى كل وقت لزوجته سكينة ولأختها رية ولزوجها حسب الله سعيد ومن شهادة زنوبة بنت أحمد أبو هلال زوجة حسب الله الثانية بأنه جاء إليها بصحبة حسب الله ومعهما ما ضبط عندها من ملابس فردوس بنت فضل الله .
وحيث أن المحكمة تستنتج من الوقائع المتقدم بيانها ومن كون المتهمين المعترفين اشتروا فى بحر المدة التى ارتكبت فيها هذه الجرائم من المصوغات ما لم يمكنهم شراؤها إلا من ثمن ما سرقوه من حلى المجنى عليهن ومن كون حالة الجثث دلت على أن تاريخ القتل لم يكن سابقا على إقامتهم فى البيوت التى وجدت بها تلك الجثث أن المتهمين المذكورين لم يشتركوا فقط فى قتل النسوة الوارد ذكرهن فى اعترفاتهم بل قتلوا أيضا النسوة الأخرى المبينة أسماؤهن بأمر الإحالة .
وحيث أن المتهم عرابى حسان مع إنكاره ما أسند إليه من التهم ادعى أنه لم يتوجه مطلقا عند رية وسكينة من عهد إقامتهما بالمنازل التى استخرجت منها الجثث وإن كان يوجد سبق معرفة بينه وبينهما وبين حسب الله سعيد ومحمد عبد العال بمناسبة تردده عليهم بالمحل المشهور بالكامب الذى كانت تديره رية بسوق الجمعة باسكندرية ، ولكن قد كذبه فى ذلك شهود منهم السيدة بنت سليمان التى قررت بأنها رأته مع حسب الله سعيد وآخرين يسكرون مع فاطمة بنت عبد ربه بغرفة المنزل الكائن بشارع ماكوريس فى نفس اليوم الذى اختفت فيه فاطمة المذكورة ورأت ترابا مكوما بجوار باب الغرفة وهذا التراب كان قد استخرج من أرضية الغرفة بعد دفن جثة فاطمة فسألت عنه فأخبرها حسب الله ورية أن المرأة قد تقايأت فنقلت التراب إلى تحت سلم المنزل ، ومنهم زينب بنت حسن التى شهدت بأن ابنتها نظلة إحدى المجنى عليهن كانت تجتمع كثيرا بالمتهم المذكور عند رية وكانت تخشى بأسه لأنه فتوة ومشهور بأنه يخنق ، ومنهم شفيقة بنت فتيان وعبد المحسن بخيت اللذين قررا رؤيتهما عرابى حسان يتردد على منزل رية الكائن بشارع على الكبير ، وقد شهد غيرهم بأن نظلة المقتولة كانت خليلة عرابى وكان يريد التزوج بها ولما اختفت لم يهتم بأمرها وأخذ يقول لكل من كان يسأله عنها بكرة تحضر .
وحيث أنه فيما يتعلق بالمتهم عبد الرازق يوسف فإنه ثبت من أقوال الشهود أنه كان معاشرا للحرمة أنيسة بنت محمد رضوان إحدى المجنى عليهن ، وكان يجتمع بها فى منزل رية بشارع على بك الكبير ، وكانت أنيسة المذكورة نسبت إليه قبل اختفائها سرقة قرط من ذهب ونقود لها ووسطت بعض أخصائها فى استرداد هذه الأشياء منه فرفض وأظهر غضبه عليها خصوصا لما رأى أن تهمة السرقة الملصقة به أخذت تنشر فى القهاوى التى كان يذهب إليها فكان حينئذ من مصلحته أن يقتل أنيسة للتخلص من تشهيرها به والاستفادة بجزء من حليها ، وقد ثبت منها أيضا أن عبد الرازق كان معاشرا لرية وسكينة وحسب الله ومحمد عبد العال من بدء سكنهم بالمنازل التى وجدت بها الجثث ومرتبطا بهم كل الارتباط وكان يرى من واجبه أن يدافع مع عرابى حسان عن سمعة تلك المنازل كلما وجد لذلك فرصة مع علمهما بما هو حاصل فيها من القبائح ، وكان له عند رية وسكينة من المنزلة والمكانة ما يجعله يتصرف فى محلاتهما كيف يشاء ويضاف إلى ذلك أنه اشترى هو وعرابى حسان فى بحر المدة التى ارتكبت فيها الجرائم المقامة من أجلها هذه الدعوى مصوغات بمبالغ لا يمكنها الحصول عليها من المكاسب التى كانت تأتيهما بالوسائل المباحة .
وحيث يستنتج من هذه الظروف والظروف السابق بيانها ومن الكشوف الطبية الموقعة على الجثث المؤيدة لما ورد فى أقوال المتهمين المعترفين من حصول القتل بطريق الخنق ومن يد عدة أشخاص ومن القرائن القوية التى تعزز أقوال رية وسكينة وحسب الله سعيد ومحمد عبد العال بالنسبة لكل من عرابى حسان وعبد الرازق يوسف ما يحمل المحكمة على الاعتقاد التام بأنهما باشرا معهم قتل السبع عشرة نسوة المتقدم ذكرهن .
وحيث أنه متى تقرر ذلك يكون عقاب حسب الله سعيد ومحمد عبد العال وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف بصفتهم فاعلين أصليين للجرائم المذكورة وهى سفكهم دماء السبع عشرة نسوة عمدا مع سبق الإصرار فى الظروف المتقدم بيانها واستباحة أموالهن بتبديدها فى المنكرات وذلك فى المدة الواقعة بين نوفمبر سنة 1919 ، 12 نوفمبر 1920 بجهة حى اللبان باسكندرية هاته الآثام التى لم يشاهد مثلها فى القسوة والفظاعة من عهد تأسيس المحاكم للآن منطبقا على نص مادتى 39 ، 194 عقوبات .
وعقاب رية وسكينة بصفة كونهما اشتركتا مع الفاعلين الأصليين فى التاريخ والمكان السابق ذكرهما فى تلك الجرائم بطريق الاتفاق والمساعدة فى الأعمال المسهلة لارتكابها بأن أحضرتا المجنى عليهن إلى محلاتهما وأسكرتاهن ليتمكن الفاعلون الأصليون من خنقهن بدون أدنى مقاومة منهن فوقعت جرائم القتل بناء على هذا الاتفاق وهذه المساعدة منطبقا على نص المواد 40 فقرة ثانية وثالثة و 14 و 194 و 199 من القانون المشار إليه .
وحيث أن أوراق هذه الدعوى قد أرسلت بتاريخ 12 مايو 1921 إلى حضرة صاحب الفضيلة مفتى مدينة الاسكندرية لإبداء رأيه طبقا للمادة 49 من قانون تشكيل محاكم الجنايات ووردت منه مشفوعة برأيه فى 15 منه بنمرة 401 .
وحيث أنه عن تهمة سلامة محمد خضر الملقب بالكيت فإنه لم يوجد ضده سوى أقوال سكينة وحسب الله سعيد التى لم تؤيد بأى دليل من الأدلة المقنعة حتى يمكن الأخذ بها والتعويل فى الحكم بإدانة الشخص المذكور فيما هو متهم به ، كما وأن المحكمة ترى فيما يختص باتهام كل من أمينة بنت نصور ومحمد على القادوس الشهير بالنص زوجها بالاشتراك فى قتل نبوية بنت جمعة بالاتفاق والمساعدة أن الأدلة التى وصلت إليها التحقيقات لا تكفى لإثبات التهمة الموجهة إليهما ويتعين الحكم حينئذ ببراءة الثلاثة المتهمين المذكورين لعدم ثبوت التهمة المسندة إليهم ثبوتا كافيا عملا بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات .
وحيث أن تهمة إخفاء المصوغات المسروقة المنسوبة إلى على محمد حسن الصائغ فإنه ثابت من اعترافه أنه اشترى جانبا من مصوغات المجنى عليهن على أربع دفع من رية وسكينة بحضور حسب الله سعيد ومحمد عبد العال وذلك أثناء المدة من نوفمبر سنة 1919 لغاية 12 نوفمبر سنة 1920 بالاسكندرية ولكنه يدعى أنه كان يجهل مصدر تلك المصوغات الحقيقى .
وحيث أنه مع التقدير الحقيقى بأن المتهم المذكور لم يشتر تلك المصوغات إلا فى أربع دفع كما يقول وليست فى ست دفع كما قالت سكينة ، فقد تبين للمحكمة أنه كان يعلم بسرقة المصوغات عند شرائه إياها بدليل حصول الشراء خفية وبثمن يقل عن نصف قيمتها الحقيقية وبدون أن يحتاط فى أخذ الضمانات التى يكون من شأنها إخلاء مسئوليته عند الاقتضاء وإسراعه بكسر معظم تلك المصوغات لإضاعة معالمها .
وحيث أنه مما تقدم تكون تهم الجرائم المسندة إلى على محمد حسن الصائغ ثابتة قبله فى الأربع وقائع المعترف بها فقط وعقابه ينطبق على نص المادة 279 فقرة أولى من قانون العقوبات مع مراعاة المادة 36 منه بالنظر الى تعدد الجرائم .
عن التعويض الذى يطلبه محمد أحمد رمضان
حيث أنه فيما يختص بالتعويض المطلوب من الحكومة فإن المادة 54 من قانون تحقيق الجنايات نصت على أنه يجوز لكل من ادعى حصول ضرر له من جناية أو جنحة أو مخالفة أن يقدم شكواه بهذا الشأن ويقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية فى أى حالة كانت عليها الدعوى الجنائية حتى تتم المرافعة .
وحيث أن المسوغ لرفع عوى المدعى بالحق المدنى بالطريقة التى نصت عليها المادة السالفة الذكر هو الارتباط الذى يوجد بين ما تضمنته تلك الدعوى من الطلبات وبين الفعل المقامة من أجله الدعوى الجنائية ، ومتى كانت الدعوى المدنية مبنية على ذلك الفعل يجب رفعها على المتهم أو على من يكون مسئولا عنه مدنيا .
وحيث أنه بالتطبيق لهذه القاعدة لا يجوز توجيه مثل هذا الطلب إلى الحكومة بصفتها مسئولة عن أفعال عمالها الضارة بالغير إلا إذا وجدت دعوى جنائية مقامة على العامل بسبب الفعل المطلوب عنه التعويض وبشرط أن يكون الفعل وقع منه أثناء تأدية العمل المكلف به من قبل الحكومة .
وحيث أنه بالاطلاع على الورقة المعلنة من محمد أحمد رمضان لوزارة الداخلية لم يوجد بها وصف أحد المتهمين الذين تضمنت على أسمائهم بأنه من مستخدمى الحكومة ، وكل ما جاء فيها أن رجال البوليس أهملوا فى تأدية واجباتهم حتى أدى ذلك إلى حالة فوضى فى الأمن العام كان من شأنها ارتكاب الجرائم التى أقيمت من أجلها الدعوى الجنائية .
وحيث أنه يرى من ذلك أن الدعوى المدنية من محمد أحمد رمضان ضد الحكومة لم تكن الدعوى المقصودة بالمادة 54 من قانون تحقيق الجنايات بل هى دعوى مسئولية مبنية على اسباب تتعلق بوجه عام بما يجب على الحكومة اتخاذه من الاحتياطات لاستتباب الأمن فى البلاد وملافاة وقوع الجرائم فيها ، فلا يجوز رفعها بالطريقة التى سلكها المدعى المدنى ويتعين الحكم حينئذ برفضها شكلاا .
وحيث فيما يختص بالتعويض المطلوب الحكم به على رية وسكينة وحسب الله سعيد ومحمد عبد العال وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف فإنه ثابت مما قدمه محمد أحمد رمضان من المستندات أن زوجته الحرمة فاطمة بنت عبد ربه إحدى المجنى عليهن كانت تدير محلا للاستخدام بدائرة قسم اللبان بمقتضى رخصة حصلت عليها من الجهة المختصة ولم ينازع هؤلاء المتهمون فى أنها كانت ترتزق من إدارة ذلك المحل وتشرك زوجها فى مكاسبها فيكون قد لحقه ضرر من فقدها ورأت المحكمة أن تقدر ما يستحقه من التعويض عن هذا الضرر بمبلغ مائة وخمسين جنيها يحكم بها على المتهمين المذكورين .
وحيث أن التعويض المطلوب من المتهم على محمد حسن الصايغ فإنه لا يلزم بهذا التعويض إلا إذا ثبت أن الأشياء التى أخفاها كانت تتضمن مصوغات الحرمة فاطمة بنت عبد ربه كلها أو بعضها وهذا أمر لم تثبته التحقيقات ومن ثم يتعين الحكم برفض الدعوى المدنية الموجهة إليه وإلى كل من سلامة محمد خضر الكيت وأمينة بنت منصور ومحمد على القادوس الشهير بالنص المحكوم عليهم ببراءتهمكما ذكر فيما تقدم .
وحيث أنه لا محل لإجابة ما طلبه المدافع عن حسب الله سعيد من توقيع الكشف الطبى على هذا المتهم لاختبار قواه العقلية إذ تبين للمحكمة أنه حائز لجميع قواه العقلية .
فلهذه الأسباب :
وبعد الاطلاع على النصوص القانونية المتقدم ذكرها :
حكمت المحكمة حضوريا أولا : على كل من رية وسكينة بنتى على همام وحسب الله سعيد ومحمد عبد العال وعرابى حسان وعبد الرازق يوسف بعقوبة الإعدام وبإلزامهم بأن يدفعوا بطريق التضامن لمحمد أحمد رمضان مبلغ مائة وخمسين جنيها على سبيل التعويض مع مصاريف الدعوى المدنية ورفضت ما عدا ذلك من طلبات المدعى المدنى قبلهم .
ثانيا : على على محمد حسن الصائغ بالحبس مع الشغل لمدة خمس سنوات .
ثالثا : ببراءة كل من سلامة محمد خضر الكيت والحرمة أمينة بنت منصور الشهيرة بأم أحمد وزوجها محمد على القادوس الشهير بالنص ما أسند إليهم فى هذه الدعوى ورفض الدعوى المدنية الموجهى قبلهم وقبل محمد حسن الصائغ .
رابعا : بعدم قبول الدعوى المقامة من محمد أحمد رمضان ضد الحكومة ورفض طلب توقيع الكشف الطبى على حسب الله سعيد .
هذا ما حكمت به المحكمة بجلستها المنعقدة بسراى محكمة الاسكندرية الأهلية فى يوم الاثنين 16 مايو سنة 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339 .
رئيس المحكمة
أحمد موسى
ملاحظة :
هذه القضية قيدت بجدول محكمة النقض تحت رقم 1937 سنة 38 قضائية وحكم فيها من محكمة النقض والإبرام برفض الطعن فى 30 أكتوبر 1921 .
ونفذ حكم الإعدام داخل سجن الاسكندرية فى 21 ، 22 ديسمبر 1921 .